اليا بان فى عيون مصرية
. يحيى زكريا
* أضواء على الموضوع:
* اختلفت الرؤى فى سر نجاح اليابان وصعودها إلى القمة، غير أن كثيراً من الباحثين أجمعوا على أن تقدمها كانَ نتيجة قيامها بتشكيل حياتها على النمط الغربى، ويوحى هذا الرأى بأنه لا سبيل أمام أية أمه تسعى إلى التقدم إلا اتباع منهج الحضارة الغربية.
* تُرى .. هل هذا الزعم السابق صحيح، أو يجافى الحقيقة، ويخالف الواقع الحى الذى عشته شخصياً لأكثر من أربعة أعوام على أرض اليابان؟ (السؤال للكاتب).
كل المظاهر تؤيد بأن ذلك المجتمع اليابانى (تأمْرك) والدليل على ذلك : وجود ناطحات السحاب فى سماء العاصمة اليابانية، ومئات القطارات الكهربائية، وشبكات مترو الأنفاق، والمطاعم الراقية، وقاعات المؤتمرات الحديثة، ودور اللهو.
* صارت "التكنولوجيا" الحديثة فى خدمة اليابانى، واستبدل بزّيه الشرقى الزى الغربى، وتركت المرأة اليابانية (الكيمونو) ، وتزينت بالأزياء الحديثة، ولبس الشباب من الجنسين الجينز.
* هذه هى النظرة السطحية إلى المجتمع اليابانى، أما النظرة الفاحصة المتأنية، فإن الإنسان حين يدخل أحد البنوك ينبهر بما يراه، حيث يجد "الكمبيوتر" مستخدماً فى جميع الأعمال المصرفية، ولكن الدهشة تتملكه حين يرى موظف البنك يستخدم آلة "السوروبان" ، وهى عداد خشبى تقليدى يستخدمه اليابانيون منذ القدم، ولا زال يُستخدم إلى يومنا هذا.
* أما اليابانى حين يعود إلى بيته، فإنه يعود إلى أصالته، وعالمه الشرقى حيث يتخلص من زيه الغربى، ويلبس زيه القومى "الكيمونو"، ويجلس فى حجرة بسيطة فرشت أرضيتها بالحصير "التاتامى"، ويتناول الأرز المسلوق، وفول الصويا.
* و فى منزل اليابانى، وعند منتصف الليل، تفتح الزوجة صوان الحائط، لتخرج الأغطية، والوسائد، والحشايا التى تحتفظ جميعها بطابعها اليابانى، وما تجده فى بيت الموظف الصغير تجده كذلك فى دار رئيسه. ويتميز اليابانى بأنه يفكر بعقلية متميزة، ويزن الأمور بميزان يختلف عن موازين أهل الغرب.
* ونعود إلى السؤال الأول : إذن ما سر نهضة اليابانيين؟ والإجابة الصحيحة أنهم حين انفتحوا على الحضارة الغربية بعلومها، وفنونها لم يأخذوا منها غير ما يعتقدون أنه يتفق وقيم مجتمعهم ، ويتناسب وظروف بيئتهم، وتركوا أية أفكار لا
تلائم طبيعة شعبهم ، ولاذوا بقيمهم الأصلية، وأصبحت تلك القيم تحكم سلوك اليابانيين.
هذا الموضوع نقلا عن كتاب الاضواء