(2) كيف تربط بين الإ نجازات الحضارية وبين قوله تعالى
سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم) ؟
-
عبر تاريخه الطويل الممتد لأكثر من ألف وأربعمائة عام لم يعرف الإسلام الصراع بين الدين والعلم، ولم يقف علماء الإسلام وفقهاؤه كحجر عثرة أمام التفكير العلمي والإبداعات العلمية. فلقد حض الإسلام على العلم والتعلم منذ بداية البدايات، فكانت سورة العلق أولى السور التي نزلت على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم تحمل الأمر الإلهي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5].
وهى آيات صريحة في أمرها، فهم المسلمون منها بأن الإقبال على العلم عبادة، بل هو من أشرف العبادات وأجلها، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يبرز مدى أفضلية أهل العلم على غيرهم بقوله: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) [رواه الترمذي، (2901)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2685)].
1- عقيدة التوحيد الإسلامي هي نقطة الانطلاق في رؤية الإنسان الصائبة لحقائق الوجود، قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5]، فالله سبحانه وتعالى هو الحق المطلق، وهو مصدر كل الحقائق المعرفية الجزئية التي أمرنا بالبحث عنها، واستقرائها في عالم الشهادة، باعتبارها مصدرًا للثقة واليقين، وليست ظلالًا أو أشباحًا كما نظرت إليها الثقافة اليونانية، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53]