لماذا نتحدث عن الأخلاق؟
حديثي في هذا الموضوع عن حسن الخلق لأننا نعيش في هذا الزمان أزمة أخلاقية حقيقية لا ينبغي أن نتغافل عنها بل يجب علينا أن نبذل أقصى ما عندنا لنرد الأمة مرة أخرى إلى أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الخالق _ جل وعلا _ بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) "القلم :4"
حسن الخلق هو الأمر الذي يقوم عليه الإسلام ..بل هو الإسلام ، ولذا قال سيد الأنام صلى الله عليه وسلم : " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق "
وحسن الخلق هو الذي يجمع لنا جميع الأقوال والأفعال التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم .
ولذا لما سأل النواس بن سمعان رضى الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم " البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس "
حسن الخلق أوسع وأشمل مما نظن :وتأملوا معي قول الله - جل وعلا - في سورة البقرة :" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك هم المتقون " "البقرة :177:
فعرف الله البر بأنه الإتيان بكل هذه الإعتقادات والعبادات .
فإذا جمعت بين هذه الآية وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم " البر حسن الخلق " علمت أن حسن الخلق له مفهوم أوسع وأشمل مما نظن ونعتقد .
وستجد أن حسن الخلق يشتمل على : حسن الخلق مع الله ..حسن الخلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ...حسن الخلق مع كتاب الله - جل وعلا - ...حسن الخلق مع الملائكة ...حسن الخلق مع الناس .
* فأما حسن الخلق مع الله فذلك بأن نحقق العبودية لله ولا نشرك به شيئا وأن نمتثل للأمر والنهي وذلك بأنه إذا جاء الأمر من عند الله فليكن شعارنا : سمعنا وأطعنا ...وإذا جاء النهي من عند الله فليكن شعارنا:سمعنا وانتهينا.
قال تعالى :" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " :الأحزاب 36:
* وأما حسن الخلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك بأن نحبه ونتبعه ونمتثل أمره صلى الله عليه وسلم ولا نقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا نرفع أصواتنا فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم .
* وأما حسن الخلق مع كتاب الله - جل وعلا - فذلك بأن تقرأه ونتدبره ونعمل بما فيه ونتحاكم إليه في كل صغيرة وكبيرة .
* وأما حسن الخلق مع الملائكة فذلك بأن يعلم كل واحد منا بأن معه ملائكة لا تفارقه وتكتب عليه كل أقواله وأعماله فيتولد عنده الحياء من أن يفعل معصية يكتبها عليه الملك الموكل بذلك... بل يحرص على فعل الحسنات التي تقربه من الله - عز وعلا-.
* وأما حسن الخلق مع الناس فذلك بأن تكون طليق الوجه رحيماً متسامحاً ليناً في دعوتك مع البر والفاجر ولكن من غير مداهنة فقد قال الله تعالى لموسى وهارون - عليهما السلام - حينما أمرهما بالذهاب إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد ( فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى ) "طــه 44" فانت لست أفضل من موسى وهارون - عليهما السلام - ومن تدعوه ليس بأخبث من فرعون
** تعالوا بنا لنتعايش بقلوبنا مع الأخلاق عـامة وعن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم خاصة عسى أن ينفعنا الله .
للحديث بقية بإذن الله تعالى وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .