ناهل السيد
عدد الرسائل : 1837 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 24/07/2009
| موضوع: تفسير سورة ( يونس ): 29:25 الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 9:01 am | |
| [size= 18]-وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ضرب تبارك وتعالى مثلا لزهرة الحياة الدنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها بالنبات الذي أخرجه الله من الأرض بماء أنزل من السماء مما يأكل الناس من زروع وثمار على اختلاف أنواعها وأصنافها وما تأكل الأنعام من أب وقضب وغير ذلك « حتى إذا أخذت الأرض زخرفها » أي زينتها الفانية « وازينت » أي حسنت بما خرج في رباها من زهور نضرة مختلفة الأشكال والألوان « وظن أهلها » الذين زرعوها وغرسوها « أنهم قادرون عليها » أي على جذاذها وحصادها فبينما هم كذلك إذ جاءتها صاعقة أو ريح شديدة باردة فأيبست أوراقها وأتلفت ثمارها ولهذا قال تعالى « أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا » أي يابسا بعد الخضرة والنضارة « كأن لم تغن بالأمس » أي كأنها ما كانت حينا قبل ذلك وقال قتادة كأن لم تغن كأن لم تنعم وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن ولهذا جاء في الحديث يؤتى بأنعم أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة فيقال له هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا ويؤتى بأشد الناس عذابا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة ثم يقال له هل رأيت بؤسا قط فيقول لا « م2807 » وقال تعالى إخبارا عن المهلكين « فأصبحوا في دارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها » ثم قال تعالى « كذلك نفصل الآيات » أي نبين الحجج والأدلة « لقوم يتفكرون » فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا عن أهلها سريعا مع اغترارهم بها وتمكنهم وثقتهم بمواعيدها ونقلتها عنهم فإن من طبعها الهرب ممن طلبها والطلب لمن هرب منها وقد ضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بنبات الأرض في غير ما آية منكتابه العزيز فقال في سورة الكهف « واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا » وكذا في سورة الزمر والحديد يضرب الله بذلك مثل الحياة الدنيا كماء وقال ابن جرير حدثني الحارث حدثنا عبد العزيز ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت مروان يعني ابن الحكم يقرأ على المنبر وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها وما كان الله ليهلكهم إلا بذنوب أهلها قال قد قرأتها وليست في المصحف فقال عباس بن عبد الله بن عباس هكذا يقرؤها ابن عباس فارسلوا إلى ابن عباس فقال هكذا أقرأني أبي بن كعب وهذه قراءة غريبة وكأنها زيدت للتفسير وقوله تعالى « والله يدعو إلى دار السلام » الآية لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها رغب في الجنة ودعااليها وسماها دار السلام أي من الآفات والنقائص والنكبات فقال « والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم » قال أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل لتنم عينيك وليعقل قلبك ولتسمع أذنك فنامت عيني وعقل قلبي وسمعت أذني ثم قيل لي مثلي ومثل ماجئت كمثل سيد بنى داراثم صنع مأدبة وأرسل داعيا فمن أجاب الداعي دخل الداروأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة ولم يرض عنه السيد والله السيد والدار الاسلام والمأدبة الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا حديث مرسل وقد جاء متصلا من حديث الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلا فقال اسمع سمعت أذنك واعقل عقل قلبك إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه فالله الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يامحمد الرسول فمن أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل منها رواه ابن جرير وقال قتادة حدثني خليد العصري عن أبي الدرداء مرفوعا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن يوم طلعت فيه شمسه إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين يأيها الناس هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى قال وأنزل في قوله يا أيها الناس إلى ربكم « والله يدعو إلى دار السلام » الآية رواه ابن أبي حاتم وابن جرير [/size]- لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح الحسنى في الدار الآخرة كقوله تعالى « هل جزاء الإحسان إلا الإحسان » وقوله تعالى « وزيادة » هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف وزيادة على ذلك أيضا ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم وما أخفاه لهم من قرة أعين وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم فانه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الرحمن بن سابط ومجاهد وعكرمة وعامر بن سعد وعطاء والضحاك والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم من السلف والخلف وقد وردت فيه أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك مارواه الإمام أحمد « 4/333 » حدثنا عفان أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية « للذين أحسنوا الحسنىوزيادة » وقال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناديا يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وماهو ألم يثقل موازيننا ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم وهكذا رواه مسلم « 181 » وجماعة من الأئمة من حديث حماد بن سلمة به وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرنا شبيب عن أبان عن أبي تميمة الهجيمي أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي يا أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وآخرهم إن الله وعدكم الحسنى وزيادة فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن عز وجل ورواه أيضا ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي به وقال ابن جرير أيضا حدثنا ابن حميد حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج عن عطاء عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله « للذين أحسنوا الحسنى وزيادة » قال النظر إلى وجه الرحمن عز وجل وقال أيضا حدثنا ابن عبد الرحيم حدثنا عمر بن أبي سلمة سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية حدثنا أبي بن كعب أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل « للذين أحسنوا الحسنى وزيادة » قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل ورواه ابن أبي حاتم أيضا من حديث زهير به وقوله تعالى « ولا يرهق وجوههم قتر » أي قتام وسواد في عرصات المحشر كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة « ولا ذلة » أي هوان وصغار أي لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر بل هم كما قالتعالى في حقهم « فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا » أي نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم جعلنا الله منهم بفضله ورحمته آمين
[b]27-وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
لما أخبر تعالى عن حال السعداءالذين يضاعف لهم الحسنات ويزدادون على ذلك عطف بذكر حال الأشقياء فذكر تعالى عدله فيهم وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك « وترهقهم » أي تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال « وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل » الآية وقال تعالى « ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم » الآيات وقوله « ما لهم من الله من عاصم » أي مانع ولا واق يقيهم العذاب كقوله تعالى « يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لاوزر إلى ربك يومئذ المستقر » وقوله « كأنما أغشيت وجوههم » الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة كقوله تعالى « يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون » وقوله تعالى « وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة » الآية
30-هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ يقول تعالى « ويوم نحشرهم » أي أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبر وفاجر كقوله « وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا » « ثم نقول للذين أشركوا » الآية أي الزموا أنتم وهم مكانا معينا امتازوا فيه عن مقام المؤمنين كقوله تعالى « وامتازوا اليوم أيها المجرمون » وقوله « ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون » وفي الآية الأخرى « يومئذ يصدعون » أي يصيرون صدعين وهذا يكون إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ولهذا قيل ذلك يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا وفي الحديث الآخر نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس وقال الله تعالى في هذه الآية الكريمة إخبارا عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة « مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم » الآية أنهم أنكروا عبادتهم وتبرءوا منهم كقوله « كلا سيكفرون بعبادتهم » الآية وقوله « إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا » وقوله « ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء » الآية وقوله في هذه الآية إخبارا عن قول الشركاء فبما راجعوا فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم « فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم » الآية أي ما كنا نشعر بها ولا نعلم بها وإنما كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم والله شهيد بيننا وبينكم أنا مادعوناكم إلى عبادتنا ولا أمرناكم بها ولارضينا منكم بذلك وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئا ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده بل تبرأ منهم وقت أحوج ما يكونون إليه وقد تركوا عبادة الحي القيوم السميع البصير القادر العليم بكل شيء وقد أرسل رسله وأنزل كتبه آمرا بعبادته وحده لا شريك له ناهيا عن عبادة ما سواه كما قال تعالى « ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة » وقال تعالى « وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا بوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون » وقال « واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون » والمشركون أنواع وأقسام كثيرون قد ذكرهم الله في كتابه وبين أحوالهم وأقوالهم ورد عليهم فيما هم فيه أتم رد وقوله تعالى « هناك تبلو كل نفس ما أسلفت » أي في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خير وشر كقوله تعالى « يوم تبلى السرائر » وقال تعالى « ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر » وقال تعالى « ونخرج له يوم القيامة كتابا منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا » وقد قرأ بعضهم « هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت » وفسرها بعضهم بالقراءة وفسرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدمت من خير وشر وفسرها بعضهم بحديث لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت الحديث وقوله « وردوا إلى الله مولاهم الحق » أي ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ففصلها وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار « وضل عنهم » أي ذهب عن المشركين « ماكانوا يفترون » أي ماكانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه
[/b] | |
|